يا أيها المؤمنون لن أعبد ما تعبدون
إن تعريف الشر Evil لا يختلف كثيراً من مكان لأخر ، أو بين مجموعة من البشر وأخرى ، وبصورة عامة يمكن تعرفيه على إنه "التسبب المقصود أو المتعمد بالمعاناة ، الدمار و الموت"* ... بالطبع فإن هذا التعريف مبسط جداً ، ولأنه بسيط و واضح فإنني أعتقد أن أغلب القراء العقلانيين سواءاً أكانوا مؤمنين أو ملحدين سيوافقون عليه ولو من حيث المبدأ. أما القراء الاكثر تديناً فتعريف الشر لديهم يختلف بعض الشيء ، فإضافة الى ما سبق قد يودون إضافة التالي الى التعريف السابق : " وهو أيضاً أي خرق لتقاليد المنظومة الاجتماعية لمجموعة محددة من البشر ، أو خرق في للتعاليم الدينية لتلك المجموعة ، كما يمكن وصف المجموعة الاجتماعية الاخرى والتي تختلف تقاليدها ودياناتها عن المجموعة المحددة بهذه الصفة أيضاً".
هنا أعتقد أن عليها كمحلدين و مؤمنين التوقف للحظة ، ولنعد قراءة التعريف المبسط و الموسع، بعضنا سيوافق على الجزء الاول و البعض الاخر سيوافق على الجزء الاول و الجزء الاضافي معاً وقلة ربما تأخذ بالجزء الثاني فقط . هذه القلة عادة يسمح لها ضميرها و مجتمعهاوتقاليدها بالتسبب بالضرر لغيرهم من البشر إن كانوا لا يتوافقون مع الجزء الثاني من التعريف. وهذا يجل هذه القلة "شريرة" حسب الجزء الاول من التعريف أي: " التسبب المقصود بالمعاناة ، الدمار و الموت".
لن نختلف كثيراً على ما سبق ، ولكنها دعوة للتفكير في تعريف "الشر" ، فهذه الكلمة حجر رئيسي في هذا المقال.
إرتبط إسم الشيطان Satan في معظم الديانات بمبديء الشر ، فهو من يروج له ويقوم به أو يدفع اليه والشيطان أيضاً هو عدو الله والرب ، فالله والرب يسوع ويهوا الهة خير بالنسبة لإتباعها... ورغم عدم إيماني بمطلقية فكرة أن الخير هو عكس الشر و الشر هو عكس الخير، فإنني ولغرض النقاش سأفترض جدلاً أن الخير والشر متضادان مطلقان حيث إن هذه الفكرة المطلقة هي ما يؤمن به أغلب المتدينين من مختلف الاديان فالله خير و الشيطان شر ، ولكن هل هذا صحيح ؟ هل الله خير بالفعل ؟
كي نعرف جواب هذا السؤال يتوجب أن نحلل أفعال الله بناءاً على إعترافته هو:
- يؤمن المؤمنون من الديانات الكتابية الثلاثة بأن الله أرسل فيضاناً عملاقاً أغرق كل ما على الارض في زمن نوح - وإن هذا الفيضان الكبير عمل مقصود من الله تسبب في فناء الارض وخرابها و مقتل أغلب الكائنات على الارض ما عدا التي أخذها نوح في سفينته العملاقة.
(خارج الموضوع : سؤال للمؤمنين من كل الاديان: كيف حصل نوح على زوجين من دب الكوالا والذي يعيش حصراً في إستراليا والتي لم تكن قد عرفت بعد؟ – ألم يأمر الله نوحاً بأن يجمع زوجين من كل كائن على الارض؟ فهل هذا معناه أن نوحاً لم يلتزم بتعليمات الله حرفياً ؟ وإلا فمن جلب له دببة الكوالا من استراليا ؟ وماذا عن طيور البطريق ؟ )
- بعد أن انتهى الله من أغراق قوم نوح ومعهم الحيوانات و المزروعات والنباتات ، قام متعمداً أيضاً (حسب إدعائه هو) بإهلاك قوم عاد بواسطة "رياح صرصر عاتية" وقام بذكر ذلك بفخر في أكثر من موقع في كتابه.
- أما قوم ثمود المساكين فقصتهم مع الله قصة ، يؤمن المؤمنون بأن الله أهلكهم (متعمداً أيضاً) لإنهم ... إحم ... إحم .... مسوا ناقة النبي صالح بعد أن أمرهم بأن لا يفعلوا .... ففتح الله السماء بعد ثلاثة أيام و صرخ فيهم فماتوا جميعاً.
- أما قوم لوط فقد أرسل عليهم زلزلاً مدمراً جعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل (متعمداً أيضاً).
- أما قوم فرعون ، فقد أغرقهم الله في البحر بعد أن شق موسى البحر الاحمر بعصاه السحرية وأغلقه الله عليهم (متعمداً أيضاً ) في مشهد مطاردات مثير لا تستطيع إلا تقنيات هولييود أن تأتي بمثله.
بالطبع القائمة تطول ، وما زال الكثير من الكوارث الطبيعية و غير الطبيعية ينسبها المؤمنون الى الله أو الرب يسوع أو غيره و يعتبرونها عملاً متعمداً من لدنه لإنه غضب على هذا أو ذاك فعاقبهم نتيجة لغضبه ، ومن عصرنا هذا إليكم بعض الامثلة عن غضب الله المتعمد حسب إدعاء المؤمنين به (سأقتبس العناوين الاصلية للمقالات مثلما نشرت):
- اعصار ايفان - غضب الله على امريكا.
القائمة طويلة وتشمل جميع الاعاصير ، الزلازل والبراكين ، و أحداث سبتمبر وغيرها مما يصيب أهل الارض و بإمكان الجميع البحث عن "عقاب الله " أو "غضب الله" في محركات البحث ليجدوا الالاف الامثلة على ما أقول.
ما تشترك فيه جميع هذه الامثلة ماضيها و حاضرها هو إنها منسوبة جميعها الى الله ، وإنه قام بها متعمداً نتيجة لغضبه السايكوباتي الدائم والغير مبرر على الكائنات التي خلقها والتي يدعي أنه يريد لها الخير ... لإنه هو الخير.
والان ، أعود ثانية الى تعريف الشر : "التسبب المقصود أو المتعمد بالمعاناة ، الدمار و الموت" ... (هنا أود سؤال المؤمنين سؤالاً أخر لا علاقة له بدببة الكوالا أو بصلعم المتنكر بزي دب في سلسلة ساوث بارك الموسم 14 ) والسؤال هو: ما هو عدد المرات التي قام بها الله بعمل خير وذكره في إدعائته ؟ (وهذا لا يشمل إنزاله للمن والسلوى على بني إسرائيل فهو يسبب العطش وهم كانوا يعبرون الصحراء ! ) .... وما هي نسبة العمل الالهي الخير بالنسبة للعمل الالهي الذي يتسبب في مقتل الملايين من البشر ، النباتات و الحيوانات ؟
سأنتظر الاجابة ، لكي يعمل جميع القراء مقاراناتهم ويصبحوا على بينة من أمرهم ، ويحسبوا حساباتهم الرياضية والاخلاقية لمعادلة الخير و الشر المنسوب الى هذا الاله أو ذاك. بالنسبة الي فأنا قمت بتلك الحسابات لمرات ومرات وبعد تفكير ملي لسنوات طويلة وصلت الى الاستنتاج التالي:
الاستنتاج: بناءاً على إعترافات الله الخيالي سواءاً المنسوبة اليه حرفياً أو المنسوبة اليه من قبل أتباعه ، و بما إن الشر يعرف بإنه تسبب متعمد بالمعاناة ، الدمار و الموت ، إذن أستنتج أن الله هو عنصر شرير .... أي إنه ليس خيراً كما يدعي مريدوه وأتباعه وكذلك الحال لإتباع الديانات الكتابية جميعها.
وإستناداً الى قاموس مصطلحات الاديان للخير و الشر المطلق، فإن الشر مرتبط بالشيطان ، و عليه أقول للمؤمنين من جميع الاديان التي فيها رب و شيطان، هل من الممكن أنكم كنتم تعبدون الشيطان طوال الوقت ؟ .... لإن ما تعبدونه ليس رحيماً كما تدعون بل هو شرير حتى العظم.
تحياتي للجميع
MHJ
*http://en.wikipedia.org/wiki/Evil