من حكايا الووك
3
رسالة في زجاجة
لم يطل بنا الجلوس أنا و "جرذون" طويلاً ، فقد سمعنا بعض الوشوشة الخفيضة تأتي من الجهاز ، نظرنا إلى بعضنا البعض بدهشة ، فهل يعقل أن تكون العشرين ساعة السكلووديزية قد إنتهت بهذه السرعة ؟ ربما تكون الساعات السكلووديزية أقصر من الساعات الارضية ، هذا إحتمال وارد .... وفجاءة بدأ "يود" إرساله ثانية ، ولكن ... هذه المرة كان هناك شيئاً غريباً في نبرة صوته...
" هنا يود ثانية ، أرجو أن يكون هناك من يسمعني ، لأنني سأضطر لمغادرة الجبل الابيض الى مكان أخر ، فعندما كنت أجمع بعض الاخشاب رأيت في البعد بعض السكلووديزين الذين يرتدون أغطية الرأس السكلووديزية ويهم يقتربون من الجبل الابيض ، وعلى الاغلب هم أتون في أثري ، لكي يقبضوا علي ويلبسونني أحد أغطية الرأس خاصتهم بعد أن يقطعوا أطرافي ... أعتقد أنني لابد أن أهرب من موقعي هذا وأتجه الى مكان أخر ، ومن حسن الحظ أنني إحتطت لهكذا أمر منذ مدة طويلة ، فقد أعددت قارباً صغيراً كي أعبر به البحر السكلوويدزي الكبير إن إحتجت الى الهرب ، وهو مركون في الجهة الاخرى للجبل حيث يمتد الشاطيء الكبير ، فإن كان هناك من يسمعني أود أن إخبركم بأنني سأخذ جهاز الاتصال هذا معي وسأتصل بكم بأقرب وقت ممكن... الوقت يداهمني ولابد أن أبدأ بالتحرك الأن ... وشششش"
صمت ....
أصاب "جرذون" التوتر بعد إستماعه لرسالة "يود" الاخيرة ، وكأن "جرذون" هو الذي سيركب في القارب ويجوب عباب البحار ليهرب إلى مكان أخر ، قد يجده أو لا يجده... بالنسبة إلي ، بدأت بالضحك على "جرذون" وهو يتحرك بقلق يميناً ويساراً (الفئران عندما تقلق فإنها تتحرك بسرعة) وقلت له: " لا داعي للقلق يا جرذون ، انا متأكد أن كل شيء سيكون على ما يرام مع "يود" فهو أذكى من مطارديه ، وهو لن يعبر البحر في طاوة صينية كما قد تفعل أنت" ، فنظر إلي "جرذون" بغضب ، فحزنت عليه وقررت إلتزام الصمت إحتراماً لمشاعره ، فتركته لأفكاره وعدت لأفكاري... ظل "جرذون" جالساً بجانب الجهاز في إنتظار أن يتصل "يود" ثانية، وبعد يومين تقريباً إتصل "يود" أخيراً ، فجلست بجانب "جرذون" لنستمع إلى ما سيقوله "يود"، والذي بدأ إرساله قائلاً:
جلسنا لساعات وساعات ونحن ننتظر ان يواصل "يود" إرساله عبر المجرات ، ولكن لا شيء .. فذهبت الى النوم بينما بقي "جرذون" مستيقظاً بجانب جهازه العجيب في إنتظار إرسال "يود" ، وبقي الحال هكذا لبضعة أيام ، وأمتدت الايام لتصبح أسابيع.... وجهاز جرذون مربوط بالكهرباء ويعمل ليلاً نهاراً في إنتظار أي إشارة من "يود" ....
بعد شهرين تقريباً ، بدأت أصوات وشوشة غريبة تصدر من جهاز "جرذون" العجيب ، فركض "جرذون" الى الجهاز بفرح شديد وهو ممتليء بالاثارة بعد أن كاد أن يفقد الامل في أن يتصل "يود" ثانية ، ولحسن الحظ فقد كان "يود" هو المتصل فعلاً ، ولكن صوته كان يشوبه الحزن بعض الشيء وبدأ ارساله قائلاً:
" ها قد مرت سنة سيكلووديزية كاملة منذ أن أرسلت رسالتي عبر البحر .... و لا جواب ... أعتقد أنني يجب أن اقطع كل أمل في وجود سيكلوديزين لا يرتدون أغطية الرأس.... للأسف لقد كنت أعيش على هذا الامل لسنة كاملة ... لكنني كنت على خطأ ، وربما ليس هناك حتى من يستمع لإرسالي هذا .......... انها مجرد إضاعة للوقت ......... من اخدع فليس هناك من أحد يسمع صوتي....... على كلٍ... الافضل أن أذهب غلى النوم ... إن كان هناك من يستمع إلي فعذراً لأنني سأقطع إرسالي هذا... والذي سيكون الارسال الاخير لي..... وشششششششش"....
" لن تصدقوا ما حصل ... الان أنا متاكد كذلك من ان هناك من يسمع إرسالي هذا .... ياااااهووووو ..... اليوم إستيقظت صباحاً وانا احس أن الدنيا مظلمة بوجهي ... فخرجت من كوخي الصغير الشاطيء ...... ولن تصدقوا أبداً ما رأيت.... لقد وجدت على الشاطيء مليون .... كلا .... ربما مئة مليون زجاجة ترقد بين رمال الشاطيء ..... وفي كل زجاجة توجد رسالة ..... لم أصدق عيني وظننت أنني أحلم .... فركت عيني .... وفتحتها ثانية .... إنها هناك مليون او مئة مليون زجاجة ..... انا لا أحلم ...... هناك سيكلووديزين أخرين لا يرتدون أغطية رأس مرجان ....فهذه رسالة من سيكلووديزي يدعى راي وأخر يعيش في مكان يدعى بالمدينة الفاضلة ، وإخرى من سيكلووديزي يدعى بن كريشان وإخرى من سيكلووديزية تدعى آيا واخرى تدعى رانيا ورسالة في زجاجة من سيكلووديزية تدعى سيلويت .... زجاجات كثيرة ، وفي كل منها رسالة .... ركضت كالمجنون أفتح الزجاجات وأقرأ الرسائل .... فهذا سيكلوديزي اخر لا يرتدي على رأسه غطاء مرجان وهو يقول إنه يختبيء في شرق الكوكب في نفق تحت الارض، وأخر إسمه نوافكو وأخر إسمه راوندي واخر يتخبيء في منطاد بشكل غراب حكيم يطير فوق كوكب السيكلووديزي فتخفيه السحب القرمزية التي تغطي الكوكب، واخر يسمي نفسه مشتوك و أخر بإسم لهب وغيرهم كثيرون ... سأترككم الان وأذهب لكي أفتح زجاجتي وأقرأ رسألي التي جاءني بها البحر السيكلووديزي الواسع....إلى اللقاء"
فرحنا جداً ونحن نستمع الى إرسال "يود" هذا ، وقفزنا في أرجاء الغرفة بسعادة كبيرة حتى أصابنا التعب .... فجلسنا وفتحنا زجاجتي بيرة لنروي بها عطشنا .... (على فكرة حين يشرب جرذون فإنه يحب الغناء جداً ، وغناءه جيد عموماً وخصوصاً حين يحاول ان يقلد المغني ستنك Sting "....
إنتهت
مع تحياتي
MHJ
تحياتي للجميع وأعتذر إن نسيت ذكر أحد الاصدقاء ...