Aug 8, 2009

كيبلر والشعب الاغبر

كيبلر والشعب الاغبر


في السنوات القليلة الماضية ظهرت بعض المشاريع العلمية العملاقة التي قد تغير نتائجها الكثير من المفاهيم الخاطئة و تجلب الى النور الكثير من الادلة الجديدة التي تثبت بعض النظريات العلمية المهمة. و من هذه المشاريع "مهمة كيبلر Kepler Mission "....

إن مشروع مهمة كيبلر ببساطة يشتمل على إستعمال تلسكوب فضائي متطور جداً قامت وكالة NASA بتصميمه للعثور على كواكب شبيهة بالارض، ليس من حيث الحجم فقط ، بل ومن حيث المسافة الى شمس المجموعة التي يتواجد بها هذا الكوكب وغير ذلك من نقاط التشابه.... وهذا يعني ، أن هكذا كوكب تتوفر فيه شروط بداية أنواع الحياة المختلفة وبالتالي تطورها الى صور أكثر تعقيداً كما حصل على كوكب الارض.

بدأت مهمة كيبلر في يوم 06.03.2009 ، وتوقع العلماء أن لا يحصلوا على نتائج تذكر إلا بعد سنتين أو ثلاثة، ولكنهم كانوا مخطئين في توقعاتهم.... فقد عثر كيبلر على أول كوكب شبيه بالارض بعد أقل من خمسة أشهر من بدأ مهمته الاستكشافية، ليشعل نار الاثارة في قلوب العلماء والمهتمين بعلوم الفضاء بعثوره على الكوكب
HAT-P-7b
في مجرة البجعة Cygnus والذي يعد واحداً من 10 بليون تريليون كوكب مرشحة لأن تكون فيها حياة....







بالنسبة لي، كنت سعيداً جداً وانا أقرأ الخبر هذا الصباح في مواقع الاخبار العالمية المتخصصة .... حتى وصلت الى موقع العربية.... من عادتي بعد أن أقرأ خبراً يهمني من مصدره الاصلي أن أرى بعد ذلك كيف تتناقله وسائل الاعلام العربية .... وفي أغلب الاحيان يتنهي بي الامر منزعجاً من ضحالة النقل وسطحيته ، ومنقرفاً أكثر من طبيعة أغلبية تعليقات القراء ومستواها الفكري والعقلي والاخلاقي والذي قد يبرر سطحية وضحالة طريقة نقل الخبر في المواقع الاعلامية العربية بصورة عامة.



لم يكن الامر يختلف هذه المرة عن غيرها من المرات والتي تقوم العربية فيها بنقل موضوع علمي إلا في شيء واحد، وهو إن هذا الخبر، وفي هذه المرة إجتذب أكبر عدد من التعليقات لهذا اليوم !!!.... ربما لأنه لا يوجد موضوع أخر يستحق التعليق عليه من وجهى نظر الامة الغبراء : مثل مقتل سوزان تميم ؟ أو إسم محمد في نشيد إحدى فرق كرة القدم الالمانية ؟ أو تداعيات المؤامرة الايرانية الصفوية على أحسن أمة أخرجت للناس ؟ ربما....؟

وربما تكون أكذوبة "أحسن أمة أخرجت للناس" هي خير مكان لأبدأ منه إستعراض بعض التعليقات التي جادت بها القريحة العربية على خبر إكتشافات كيبلر، (هذه الجملة دوماً ما تذكرني بالامهات اللواتي يشجعن أطفالهم ذوي الاحتياجات الخاصة، أو الذبن يعانون من نقص جسدي أو فكري، بأنهم أفضل من غيرهم ، وإن غيرهم يموتون من الغيرة والحسد منهم...)

كتب أحد المعلقين على الموضوع التعليق التالي: "ياخي نحن العرب افضل الشعوب يعني ايه اذا عملوا كمرا وصاروخ اهم حاجة نطور انفسنا ونحترم انفسنا كشعوب نحن مسلمون وهذه نعمه لا تنطبق الا علينا علينا التقيد بتعاليم الاسلام التسامح والبر والعفو ..... الخ واهم شي العلم حتى وان سبقونا سيأتي يوم نسبقهم فيه فنحن من نمتلك الحضاراة الاسلامية الكبرى في عصر الاسلام ومن ينسى الدولة العثمانية وقبلها العباسية وقبلها الاموية كل شي ممكن يكون ... بس شوية تفائل" !!!!!

ما أتعجب منه، هو ليس الدعوة بالتفاؤل التي يدعو اليها المعلق أعلاه، فهذا حق مشروع، وأنا مثله، أتمنى أن تكون الامة العربية سباقة في العلم والتطور والاكتشاف، نابذة للجهل والعنصرية والتخلف.... وما أبعدها عن ذلك..... وما تزال تبتعد وتبتعد عن هكذا وصف، ما دام هناك الملايين مثل المعلق أعلاه ممن ما زالوا يصدقون بأنهم شعب الله المختار وإنهم أفضل أمة اخرجت للناس.... رغم كل الدلائل التي تقول العكس وبالخط العريض.... ثم يتبعون ذلك بإكتفائهم "بنعمة" الاسلام وعلامته الفسوفورية المميزة ، ورغم كل العنصرية التي تشكل كلا الجملتين "أفضل امة !" و "نعمة الاسلام الفسفوري!" يأتينا المعلق بالحل الامثل والتناقض الاكمل بقوله: " علينا التقيد بتعاليم الاسلام التسامح والبر والعفو" ، نعم فهذا هو الحل لكي نغزو الفضاء ، ونفك الشفرات الجينية لآبو بريص ، فنجد أنها نفس الشفرة الجينية لليهود الانجاس، فيرضى الله عنا ونصبح من جديد كما كنا أيام "الحضيرة الاسلامية الكبرى ، في عصر الاسلام ومن ينسى الدولة العثمانية وقبلها العباسية وقبلها الاموية" !!!!!


وبعدها يأتيك معلق أخر ، يدعو نفسه بالمرزوق ليقول بثقة : " اقرأوا الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم فيما يخص علم الفلك.." .. إنتهى التعليق.... فنييتو .... !!!! ؟ ، أي إعجاز هذا الذي تحكي عنه يا أيها الفلكي المغوار، يا متنشق غازات الشمس ومدمن ميثان المشتري!.

إن أعجازك الالهي هذا يدعي خلق الارض قبل الكون، ويسطحها، ويجعل الشمس أكبر الاجرام الموجودة، ويضع النجوم الاخرى والتي هي أكبر بالالاف المرات من الشمس كشيء ثانوي في معضلة الخلق ومسألة التسلسل المنطقي ... او حسب قوله "زينة" ، ديكوراشين يعني! وكله إلا النيازك والشهب، قاتلة الجان والشياطين... فإن كنت تريد الخير لهذه الامة فلا تدعوهم ليقرأوا خرفات وترهات الالهة، أو ما يدعى بالاعجاز العلمي، حيث تجد الفطاحل من أمثال مسيو زغاليليو يرتبون الافكار ويحورون المعلومات ويغالطون الحقائق لتتلائم مع النصوص البالية فيصدقها أصحاب العقول الخاوية....

وهنا يأتيك خبير فلكي فذ أخر ليوضح لنا جملة زميله السابق، والذي لا يملك الوقت ليشرح لنا مسائل الاعجاز الفلكي ليقول لنا ما عجز زميله عن قوله بطريقة النسخ واللصق Copy paste : " مظاهر العناية الإسلامية بعلم الفلك وبواعثه: أما علم الفلك، فقد حظي بعناية أهل الإسلام منذ عهد بعيد ؛ ولا غرابة في ذلك ؛ إذا علم أن القرآن الحكيم أورد جملة وافرة وعدداً كبيراً من الآيات المتعلقة بالكون والفلك. وإن كان المقصود الأساس منها هو: الهداية للتي هي أقوم. وتتجلى مظاهر العناية القرآنية بالفلك في الأمور التالية: 1 ـ التأكيد على (السماء) و (الكون) بما يفوق التركيز على (الإنسان)، فمن ذلك قوله سبحانه: }أأنْتـُمْ أَشـَدُّ خَلْقًا أمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا*رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا*وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا{ النازعات 27 ـ 29. وقوله عز اسمه: (لَخـَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النــَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النــَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) غافر: 57 والآي 2 ـ ورود (مفردات فلكية) كثيرة في القرآن. فلفظ (السماء) و (السموات) ورد في القرآن 310 مرة. ولفظ (الشمس) 33 مرة. ولفظ (القمر) 27 مرة. ولفظ (النجم)، (النجوم) 13 مرة. 3 ـ تسمية بعض سور القرآن بـ (أسماء فلكية) و(ظواهر كونية) من مثل: (القمر، النجم، الشمس، المعارج، التكوير، الانفطار، البروج، الانشقاق..). 4 ـ ورود تلك الآيات الداعية إلى النظر في السماء والتفكر في بنائها المحكم، ومحتوياتها المذهلة، وإلى النظر والتفكر أيضاً في الظواهر الكونية المختلفة ؛ مثل قوله عز شأنه: }أوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلــَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ وَأَنْ عَسَى أن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلــُهُمْ{ الأعراف: 185. (أَفَلَمْ يَنـْظــُرُوآ إِلَى السَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنـَيْـنَاهَا وَزَيَّنــَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ{ سورة ق: 6، }إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللــَّيْلِ وَالنــَّهَارِ لآيَاتٍ لأوْلِى الألْبَابِ*الـَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللــَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنــُوبِهِمْ وَيَتَفَـكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ رَبـَّـنـَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النــَّارِ{ آل عمران: 190، 191، }أَفَلا يَنـْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ{ الغاشية: 17، 18، }هُوَ الـَّـذِى جَعَلَ الشـَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ( يونس: )6. والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً لا يمكن حصرها في مثل هذا المقال الوجيز. ولا ريب أنه كان لهذه الآيات أبلغ الآثار في نفوس الفلكيين المسلمين، فأقبلوا عليها دارسين وباحثين في دقائقها، غواصين في بحار معانيها، ملتقطين عجائب لآلئها، موجهين الأنظار إلى ما حوته من إعجاز علمي بين. ولهذا لم يكن عجباً أن يعد كثير من العلماء والباحثين (16) بحق علم الفلك كله تفسيراً لهذه الآيات القرآنية الكونية وبياناً لما تضمنته من إعجاز علمي شهدت ولا تزال تشهد به الحقائق العلمية التي أذهلت العالم "

نفس الاسطوانة المشروخة والتي تعاد كلما ظهر إكتشاف علمي جديد، نفس الايات، والتي يستعملها مدعوذوا الاعجاز في كل مرة حسب الحاجة ، واثقين من طبيعتها المعتمدة على التورية، بأنهم يستطيعون وضعها في أي مكان لتفسر لنا كل شيء،" من بناء السماء المحكم " ووقوفها على "الرواسي والجبال"... حتى "خلق الابل" .... الحيوان المعجزة والذي يدعي رب الرمال خلقه متباهياً به وبمواصفته الرباعية الدفع.... فميزه الله عن الديناصور بأنه يعيش في الصحراء وبإن له سنامين بدلاً من ثمانية وعشرين!!!....


لن أتبحر في الاخطاء والملابسات العلمية التي تحتويها هذه الايات الفلكية الجهبذية، حيث إنني تطرقت الى هذا الموضوع في أكثر من مقال ، قصة أو كاريكتور (راجع ارشيف المدونة) ، ولكنني سأتوقف مجبراً عند الاستنتاج الخطير الذي ينهي به المعلق نسخه ولصقه: " ولهذا لم يكن عجباً أن يعد كثير من العلماء والباحثين (16) بحق علم الفلك كله تفسيراً لهذه الآيات القرآنية الكونية وبياناً لما تضمنته من إعجاز علمي شهدت ولا تزال تشهد به الحقائق العلمية التي أذهلت العالم "؟؟؟؟ ..... بحق نبتون، أعطني مصدراً علمياً وحيداً من جهة علمية عالمية معترف بها تقول هذا الكلام...... أذهلني كما أذهلت العالم..... بإستنتاج منطقي وإثبات موثق بأن أياً من هذه الايات المجهبذة المفنطزة تحتوي على حقائق علمية فعلية تتناسب مع العلم الحديث و الفيزياء الفلكية.

وبالطبع فالتعليقات على الموضوع لا تخلوا من نثر الغبار عن التقولات الالهية حول مهزلة الخلق البلهاء، ومسألة أن صلعم كان يعلم ذلك قبل 1400 سنة وخصوصاً مسألة الزيتونة والزجاجة وخلافه من النوسترأداموسيات، فيقول المعلق الفطحل في هذا الشأن: " انما يخشي الله من عبادة العلماء , اللة نور السماوات والارض مثل نورة كمشكاة فيها مصباح , المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من شجرة زيتونه مباركة , لا شرقية ولا غربية , نور علي نور , الله الله الله ما اعظمك ياالله ما احلمك ياالله , امنا بالله ربا وبالاسلام دينا , ها قد يثبت العلماء حقائق سبق ان ابلغنا بها القرآن الكريم منذ اكثر من 1400 سنه , انزل علي سيدنا محمد صلي الله علية وسلم , الحمد لله اللهم اهدي العلماء الذين توصلوا الي هذه الحقيقة".

أتونا بغير ذلك فقد مللنا من هذه الاسطوانة التي لم يبقى فيها مكان لشرخ أخر، حتى لو قلبتها..... كفى هراءاً وضحكاً على الذقون.... وفي أخر المطاف أقتبس من معلق فطحل جهبذ، تخر العبقرية من إذنيه وفتحتي أنفه كالمطر الاستوائي في مجاهل القارة السمراء ، ليخبرنا كيف أن الله علمه أن في السنة إثني عشر شهراً، متناسياً أن الحضارات الاولى عرفت هذا قبل 3000 سنة على الاقل قبل أن يظهر الله لنا كتابه البالي على لسان كذاب قريش... ويستنتج بخطورة بأن : " القرآن هو دستور الله في الارض انزل فيه الاحكام في العبادة والمواريث , وينظم حياتنا فهو دستور الحياة لكافة البشر , فهو انزل للعالمين , الرحمن خلق الانسان علمة البيان , هل تعرف ما هو البيان , هو المعرفة , هو الذي عرفنا الشمس والقمر والشهور , هو الذي علمنا ان عدة الشهور اثنا عشر شهر , استغفر ربك وعد الي العلماء , واسال الله ان يزيح عنك هذه الغمة ." !!!!!!!

أين سيكون حال البشرية يا ترى لو كان القرأن دستوراً لكل البشر حسب قول المعلق أعلاه؟؟؟؟ إنثر الغبار عن كتفيك يا رجل.... ألا يكفي البشرية أمة واحدة بهذا المستوى من الغباء، العنصرية، النفاق ، الرجعية، العنجهية، النفخة الفارغة، التخلف، الهمجية، شناعة الاخلاق و اللباس والمظهر؟؟؟؟


بحق زيوس، ملك الالهة وحاكم جبل الومبوس، اله السماء والبرق... أكان أحد من سكان هذا الكوكب البائس والمبتلى بخرافات الاديان سيصل الى السماء ويستكشفها كما فعل كيبلر ومن قبله هابل لو كان "القرآن هو دستور الله في الارض انزل فيه الاحكام في العبادة والمواريث , وينظم حياتنا فهو دستور الحياة لكافة البشر" ؟؟؟؟؟؟؟؟ إن كان الامر كذلك فلا داعي للكمبيوتر أو رواد الفضاء، ضعوا قرأناً في مركبة فضائية ، أو مسباراً عابراً للفضاء ، ودعوه يقيس لكم حرارة الشمس بدون أن يحترق..... هذا ما قد أدعوه أعجازاً لا غبار عليه يا أيها الشعب الاغبر.

ويبقى السؤال الاكبر قائماً ، إن عثر كيبلر على حياة عاقلة في الكون .... فهل يظن أصحابنا الغارقون في الغبار بأن الله خلقهم أيضاً ؟ وإنه قد ارسل لهم رسولاً عابراً للصحاري والمجرات كما فعل مع سكان الجزيرة العربية الصحراوية؟؟ فإن كان لم يقدر على توحيد الدين في كوكب صغير كالارض ، فهل تعتقدون بجد بإنه قادر على توحيد ديانات الكون ؟.... فأعدوا العدة والخيل وانفضوا الغبار عنكم ، فقد حان وقت الجهاد الفضائي يا أمة الاسلام .... وعلي علي يا بطل فليد ، خسئتم يا كفار الفضاء.

إنتهى

MHJ