May 23, 2007

ث و م

ث و م



-1-

في البدء كان الفراغ، فراغ ولا شيء إلا الفراغ... لكنهم لم ينظروا جيداً، لو كانوا قد نظروا بتمعن لكانوا قد وجدوا شيئاً أخر غير الفراغ، شيئاً وحيداً يسبح في الفراغ.


ولآن الفراغ لم يكن يحوي إلا هذا الشيء، فلا أحد يستطيع معرفة حجمه الحقيقي، حيث لم يكن هناك من شيء أخر لمقارنته به. لا أحد يعلم إن كان هذا الشيء بحجم كرة القدم أم بحجم القمر رغم أنني أعتقد أنه بحجم البرتقالة....أو ربما لا.

فوق هذا الشيء كان يعيش كائنان مختلفان، أحدهما يعيش فوق الشيء وإسمه "ثومي"، والأخر يعيش أسفل الشيء ويدعى "موني"، أو قد يكون العكس صحيحاً أيضاً، فمن الصعب التمييز بين أعلى الشيء أو أسفله في الفراغ. كان "ثومي" يزرع الثوم في الجانب الخاص به من الشيء، وكان الثوم هو الغذاء الذي يعيش عليه. بينما كان "موني" يربي المن الأخضر ليقتات عليه.

-2-

كانت الحياة على سطح الشيء مملة و روتينية مليئة بالرتابة، لم يكن هناك من صبح أو ليل أو أيام وسنين، لم يكن هناك من شيء إلا الشيء الذي يسبح في الفراغ.

كان "ثومي" و "موني" نادراً ما يلتقيان، وعندما يلتقيان فهما لا يتحدثان، وإن تحدثا فهما لا يتفقان، وينتهي الأمر بأن يتعاركان و يتقاتلان.

كان كل من هذين الاثنين منشغلاً بما يهمه، "ثومي" يرعى نباتات الثوم و "موني" يرعى حشراته اللطيفة والمليئة بالعصارة.

كانت المشكلة الأساسية على سطح الشيء وموضوع الخلاف الأزلي بين الاثنين، هي الثوم والمن، فقد كانت حشرات المن العائدة لـ"موني" تغزو نباتات "ثومي" في كل يوم لتتغذى على عصارتها. وكان "ثومي" أحياناً ينتقم من "موني" بأن يمسك هذه الحشرات ويعصرها فوق نباتات الثوم ليسقيها ويعيد العصارة التي سرقتها منها.

-3-

في يوم من الأيام ......هممم..... أن صح التعبير، فلم يكن عامل الزمن مهماً في تلك الأيام... على العموم.... في زمن من الأزمان، كان "ثومي" يتسلل إلى مكان مختبره السري والذي يقع داخل إحدى الحفر في سطح الشيء، التقى في طريقه بـ"موني" وهو ينزه حشراته قرب مختبر "ثومي" السري، فغضب كثيراً وخصوصاً عندما رأى أن بعض الحشرات قد بدأت بشرب عصارة إحدى نباتات الثوم التي يجري عليها تجاربه الغريبة، فقال "ثومي" وهو ينهر "موني": " والثوم . كالدر المكنون . لأن رأيتك قرب هذه الحفر و الخروم . لأعصرنك عصراً يا أيها المجنون . كما أعصر حشراتك وأجعلها كالمن المفروم . فعد من حيث أتيت يا موني الملعون . أسفل الشيء فذاك مكانك الذي فيه تكون"...

كان "موني" قد قرر بأن يلتزم الصمت ولا يحدث "ثومي" أو يجيبه أبداً ويركز اهتمامه على جعل حشراته أسمن وأغزر عصارة. فلملم حشراته الصغيرة ومضى يمشي الهوينى متجهاً إلى أسفل الشيء.

-4-

بعد أن غادر "موني" مبتعداً، جلس "ثومي" قرب الخرم الذي يحوي مختبره السري محاولاً إيجاد حلٍ لمشكلة ضمور و نشفان نباتات الثوم التي يزرعها. كان "ثومي" في كل مرة يمزج بعضاً من المركبات ويصنع منها مواداً متنوعة يسقي بها نباتاته وينتظر النتيجة.

كان "ثومي" يفكر مع نفسه وهو يمزج المواد المختلفة: " ث و م . سماداً متين . أصنعه من حجر و طين . وأخلطه مع بضعة مقننة من العجين . حتى ينمو الزرع نشيطاً سمين . وأكون أنا من المسعدين".

كان "ثومي" مندمجاً بأفكاره السعيدة هذه حتى تذكر عدوه "موني" وبدأ يفكر بطريقة يتخلص بها منه ومن حشراته التي تدمر محصول ثومه، فكان يخاطب نفسه قائلاً : " أيا موني يا لئيم . سترى ما أفعله بك بعد حين . أمر جلل و بأس عظيم . سأصنع من جذور الثوم حبلاً متين . وأعلقك به و أشنقك فتصبح من البائسين . أما حشراتك يا لعين . موت زؤام ينتظرها و تسميم . بسُمٍ أصنعه أنا ويا لي من عظيم . مهيمن جبار وما لي من قرين"، ثم أرتفع صوت ضحكات "ثومي" المرعبة لتصل كل أرجاء الشيء.

-5-

كان "موني" نائماً وهو يحتضن بعضاً من حشراته الصغيرة، فلم يحس بالحفيف الخفيف الذي يسببه سير "ثومي" وهو يقترب منه وهو يحمل معه حبلاً صنعه من جذور نبات الثوم.

قام ثومي بتمرير الحبل من تحت رقبة "موني"، ومن ثم ربطه بإحدى صخور أسفل الشيء، وبعدها قام "ثومي" بدفع "موني" دفعة قوية جداً جعلته يتدلى من سطح الشيء وهو يرفس بقدميه وتكاد عينيه أن تخرج من محجريهما كما تخرج البيضة من مؤخرة الدجاجة أو الديناصور....

تدلى "موني" المسكين من أسفل الشيء وهو معلق من رقبته بحبل الثوم، كان "موني" يلفظ أنفاسه الأخيرة بينما يراقب "ثومي" وهو يدوس على حشرات المن الصغيرة التي كان يربيها.

-6-

كانت فرحة "ثومي" بانتصاره عارمة، فقد تخلص أخيراً من "موني"، ويستطيع الآن أن يتفرغ لتجاربه الخاصة بتطوير زراعة الثوم فوق سطح الشيء، وكذلك فوق سطح تحت الشيء، حيث أصبح سطح تحت الشيء ملكه أيضاً بعد أن مات "موني" و حشراته. وبالتالي أصبح كل الشيء ملكه فوقه وتحته... رغم إني ما زلت أعتقد أن المسألة نسبية بين فوق الشيء و تحته.

جلس "ثومي" وهو يستمتع بأكل بعض حبات الثوم، ويتأمل الفراغ من حوله مفكراً بخلطة جديدة لأحد أسمدته المبتكرة الجديدة.

" ها ها هاك . شعرة من هذه وأوقية من ذاك . ولأخلقن سماداً فتاك . ينمو به الثوم شتلات متكتلات . شامتاً أنا بذلك الموني الافاك . مشنوقاً معلقاً بحبله المحاك . حكته أنا من جذر الثوم والساق"

كان ثومي مستمتعاً بما يفعله وما زال منتشياً بنصره العظيم، خلط ربعاً مما لديه من الهليوم الرباعي المستقر مع 0,01 % من الهليوم الثلاثي المستقر أيضاً، مع كل الهيدروجين الذي يخزنه وقليل من الليثيوم ولكنه لم ينتبه إلى أنه وضع من الليثيوم كمية تعادل 0,000000001 من حجم الهيدروجين الذي يستعمله وهي أقل مما اعتاد استعماله عند صناعة أسمدته الغازية المبتكرة.

أنتظر "ثومي" قليلاً، لكن شيئاً لم يحصل، فكر قليلاً وقرر أن يضيف المزيد من الهليوم إلى خليط الغازات الذي يعمل عليه.

-7-

جلب "ثومي" المزيد من الهليوم ليضعه على الخليط، ولكنه تخوف قليلاً، فكلما كان يقرب الدوارق من بعضها قبل أن يمزجها، كان سطح الشيء يهتز بشدة. فقال "ثومي" مع نفسه وهو يحاول التغلب على قلقه: " وإن إهتز الشيء إهتزازا . ومال يميناً وشمالاً تمادى . فأنا لا أبالي لهذا . ولن يهتز شعر ثؤلولي أنا العظيم الذي أصنع السمادا . ولأن أرتعد الشيء إرتعادا . فهذا بأمري وأنا على الشيء سأبقى وحدي أستند إستنادا ....... " سكتت أفكار "ثومي" لوهلة، فقد ازداد اهتزاز الشيء كثيراً، وفجاءة....

"بووووووووووووووووم كادا بوووم"........ لم يبق من "ثومي" إلا ثؤلوله يطير في الفراغ الذي أصبح فضاءاً متنامياً يتوسع بفعل الانفجار الكبير.


مع تحياتي

MHJ



ملاحظة: أعتذر للصديق "صلعم" على إختتطاف الوحي الخاص به لغرض كتابة هذه القصة، وهو في طريق عودته إليه، وإن تأخر قليلاً فهذا معناه أنه يشرب "ببسي" بناصية الشارع أو إنه يلعب مع وحي الجيران.


الهوامش:

* الثوم Garlic: إسمه العلمي Allium Sativum L. ، أستعمل الثوم من أقدم العصور لمختلف

الأغراض كالطبخ والطبابة. ارتبط الثوم في بعض الديانات بالخير والشر على حد سواء، في الديانة المسيحية مثلاً ، تنص الأسطورة على إن الشيطان حين غادر جنة عدن، كانت أثر قدمه اليسرى ينمو فوقها الثوم واليمنى ينمو فوقها البصل.

العديد من الحضارات إستخدمت الثوم للحماية من الشر أو كمكون أساسي في خلطات السحر الابيض، ومنها حضارة أوربا الوسطى، والتي كان فيها الثوم حامياً ضد الشياطين، المستذئبين ومصاصي الدماء ولذلك كان السكان يعلقونه على الشبابيك ومداخل البيوت، أو يحشرون حبة ثوم في ثقب المفتاح.

يعد المن Aphids أحد ألد أعداء نبات الثوم.





*المن Aphids : وهي حشرات صغيرة تتغذى على عصارة النباتات، يعرف منها في يومنا هذا حوالي 4000 نوع مقسمة الى عشرة عوائل حشرية، وتتراوح أحجامها ما بين 1 الى 10 مليمترات.









*الانفجار العظيم Big Bang : تعتبر نظرية الانفجار العظيم إحدى أهم نظريات تفسير النشوء، وتأتي أهميتها من خلال عدة أسباب ودلائل حسية ونظرية، أهم هذه الدلائل الحسية والتي تتماشى مع النظرية: التحليل الطيفي والضوئي القادم من المجرات المختلفة، والنظرية: النماذج الرياضية لفريدمان Friedmann models والتي أثبتت العلاقة والثبات بين الانفجار العظيم والنظرية النسبية العامة General Relativity والمبادئ الكوزمولوجية cosmological principle .

جاء القبول الشامل للنظرية بعد إكتشاف الـ CMB أو cosmic microwave background radiation ، وكان هذا الاكتشاف discovery of the CMB سبباً في قبول النظرية عالمياً وأعتبارها أفضل نموذج يفسر أصل وخلق الكون.



إنبثقت نظرية الانفجار العظيم من خلال الملاحظة المتأنية لبنية الكون، وكانت البداية في عام 1912 عندما قام Vesto Slipher بقياس ظاهرة دوبلر من مجرة حلزونية spiral nebula. بعدها بحوالي عشرة أعوام جاء العالم الروسي Alexander Friedmann ووضع معادلته الشهيرة والمعروفة بـ Friedmann equations والتي ارتبطت بمعادلات ألبرت إينشتاين Albert Einstein's equations ، وفي عام 1924 جاء Edwin Hubble ليثبت تعددية المجرات، ويتوصل الى الحسابات التي توصل اليها فريدمان بصورة منفصلة. وفي عام 1927 بدأ القس البلجيكي Georges Lemaître دراساته حول الموضوع، والتي تمخضت في عام 1931 الى اثبات ما توصل اليه الاخرون من قبله.

خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، ظهر علماء أخرون وبدأت النظرية بتجميع أجزاءها ، ومنهم Fritz Zwicky و Fred Hoyle ، وخلال و بعد الحرب العالمية الثانية جاء George Gamow و Ralph Alpher و Robert Herman وغيرهم.

استمرت براهين الانفجار العظيم وازدادات كماً ونوعاً خلال التسعينيات بسبب التقدم الهائل في تكنولوجيا التلسكوبات telescope و أجهزة وبرامج الرصد الفضائي مثل COBE و Hubble Space Telescope و WMAP. وكان أهم هذه البراهين على الاطلاق هو اكتشاف المادة المعتمةdark matter والطاقة المعتمةdark energy.


في نهاية التسعينيات كانت ناسا NASA قد أطلقت مسباراً لفحص الـ CMB والذي يدعى COBE، وبحلول عام 2006 حصل كل من John C. Mather و George Smoot على جائزة نوبل لجهودهما في هذا المجال.

بعد عام 2000 ، استمرت التجارب وازدادت الاكتشافات والدراسات و منها مشاريع BOOMERanG و WMAP وغيرها الكثير.

May 11, 2007

المشاكل المدارية في الشؤون الإدارية

المشاكل المدارية في الشؤون الإدارية

أو

التسي تسي و الأقزام السبعة



-1-

في الفضاء الفسيح، في مكان ما بين الجنة والنار، تطوف محطة فضائية قديمة الطراز، كبيرة الحجم تشبه المحطات الفضائية الروسية القديمة والتي خرجت من الخدمة في يومنا هذا. كان "لجوزع" يستعمل هذه المحطة لإدارة الشؤون الإدارية للجنة والنار بالإضافة إلى الاتصالات الأرضية واللا أرضية والتجسس.



بدأت وحدة الاتصالات الأرضية واللا أرضية والتجسس عملها منذ بداية افتتاح هذه المحطة، وكان مبعوثي الاتصالات ينزلون إلى الأرض باستعمال مدفع هواء مضغوط مثل الذي نراه في السيرك.

في تلك الأيام كان "ليربج" يشغل منصب رئيس قسم الاتصالات والتجسس في المحطة الفضائية للشؤون الإدارية. وكان مسئولاً عن الصيانة الدورية لمدفع الهواء المضغوط. ولكنه في الوقت نفسه كان يفكر بطريقة أكثر تطوراً ودقة كي يضمن وصول المبعوثين إلى كوكب الأرض، والسبب في ذلك أن الكثير من المبعوثين كانوا لا يصلون وجهتهم النهائية، وأحياناً يسقطون في القمر أو الكواكب الأخرى المحيطة بالأرض أو يرتطمون بأحد قدور الفاصولياء التي يتركها "سوبر مسلم" في الفضاء الخارجي كمئونة في حالة إحساسه بالجوع وهو يسافر عبر الفضاء الخارجي، لكن في أكثر الأحيان كان المبعوثين يضلون هائمين في الفضاء الشاسع الفسيح بدون وجهة محددة.


-2-

في مكان أخر على سطح الأرض، كانت الصراصير التي تطورت، قد وجدت الرأس المقطوع لزعيم القبيلة في إحدى مكبات النفاية القريبة من أراضي القرية التي يحكمها الخرفان، وقاموا بنقل الرأس البشري إلى مختبرهم السري في الكهف الكبير والذي يقع في الوادي الغائر البعيد.

كانت الصراصير المتطورة في تلك الفترة مهتمة كثيراً بالتقنيات الميكانيكية، ولهذا السبب كانوا يجرون الكثير من التجارب والتي تشتمل على ربط أجزاء من كائنات حية مع أجزاء ميكانيكية.

قامت الصراصير بربط رأس الزعيم إلى ماكنة عملاقة كانوا يعملون عليها في السنوات الأرضية الماضية، كانت ماكينتهم تلك جبارة في الشكل والأداء، جسم ثور ميكانيكي بجناحين جبارين، ومحرك عملاق يعمل على الوقود.


-3-

كان "ليربج" ينزل أحياناً إلى الأرض كي يتجسس صناعياً على ما توصل إليه سكان الأرض من الكائنات المختلفة، ومن ثم يعود بأفكار جديدة ليخبر بها قائد المحطة العجوز "لجوزع" مدعياً أنها من بنات أفكاره.

في تلك المرة، ارتطم "ليربج" بسطح الأرض في منطقة الوادي البعيد، حيث الكهف الكبير، وبعد أن تغلب على كدماته وأوجاع الارتطام، وقف وهو ينظر حوله باستغراب، كان المكان مألوفاً جداً بالنسبة إليه، وهناك إحساس قوي داخل عقله بأن هناك شيئاً أو حدثاً مهماً قد قام به مع "لجوزع" في هذا المكان قبل فترة طويلة من الزمن ولكنه نسيه الآن!!!!، نفض "ليربج" هذه الفكرة والأحاسيس الغريبة التي رافقتها من رأسه، وقرر التركيز على المهمة التي جاء من أجلها.

في تلك الإثناء، وفي مكان قريب من مكان ارتطام "ليربج" كانت الصراصير المتطورة تقوم بتجارب الطيران الخاصة بالثور المجنح*(1) الميكانيكي الخارق. سمع "ليربج" أصوات الهدير المرعبة التي تصدر عن الماكنة الجبارة، فاختبأ خلف إحدى الصخور وهو يراقب ما يجري بتعجب، فلم يكن يتصور وجود هكذا تكنولوجيا على سطح الأرض.

-4-

بقي "ليربج" مختبئاً خلف الصخرة حتى حل الليل، وخلال فترة بقائه تلك كان يفكر بالاستعمالات الكثيرة لهذا الاختراع العجيب، أنه بالضبط ما يبحث عنه كي يطور وسائل الاتصالات الأرضية واللا أرضية للمحطة الفضائية للشؤون الإدارية. كان "ليربج" ما يزال يقاوم إحساسه الكبير بأنه قد نسي شيئاً مرتبطاً بهذا المكان، هذا الإحساس الذي كان يقاطع سلسلة أفكاره وهو يختبئ خلف الصخرة في ظلام الليل الأدهم.

كانت الصراصير قد أوت للنوم، بينما كان "ليربج" يتسلل إلى داخل الكهف الكبير حيث يوجد الثور المجنح الخارق، وحين وجده قابعاً هناك، وقف أمامه فاغراً فمه، فقد كان أكبر حجماً مما تصوره، بعدها بدأ بتسلقه حتى جلس فوق ظهره، وهناك وجد بين كتفي الثور أزراراً للتحكم وعصى للقيادة.

قام "ليربج" بتشغيل الثور الميكانيكي الجبار، وهرب به متجهاً إلى المحطة الفضائية للشؤون الإدارية.

-5-

دخل "ليربج" على "لجوزع" والذي كان منشغلاً بمطاردة إحدى ذبابات التسي تسي*(2) التي تنتشر انتشاراً غريباً داخل المحطة الفضائية للشؤون الإدارية، كان "لجوزع" يعاني كثيراً من مشكلة ذباب التسي التسي، فهو يضع الكثير من الطين في القوالب حين يصنع المبعوثين، وعندما يشعل النار تحتها يحترق الفائض من الطين والذي يقطر من جوانب القالب فيصبح ذباباً.....


قال "ليربج": "عندي أخبار سارة يا سيدي...."

فقال "لجوزع" وهو يدور حول نفسه حاملاً مضرب الذباب: "ما وراءك يا "ليربج"؟؟!"

أجابه "ليربج": " لقد وجدت الحل لكل مشاكل الاتصالات والتوصيلات مع الأرض..."

لم يبد على "لجوزع" الاهتمام بما يقوله له "ليربج" فقد بقي مستمراً يركض خلف الذبابة هنا وهناك، ولأنه قد تعود على الأفكار التي يجلبها له "ليربج" بين فترة وأخرى، والتي يكون مصيرها الفشل في أغلب الأحيان، كما حصل عندما أراد "لجوزع" أن يسترجع أحد مبعوثيه المهمين وتسببت فكرة "ليربج" بحرق المبعوث بالكامل ولم يصل منه إلى المحطة الفضائية إلا أذنيه وأصبع واحد من أصابع قدميه ، استمر "ليربج" بالحديث قائلاً: " هذه المرة الفكرة تختلف يا سيدي، لقد صنعت حيواناً جباراً يستطيع السفر بين المحطة الفضائية وكوكب الأرض، وبواسطته سنتمكن من مد سلك طويل بين المحطة والأرض..."

قاطعه "لجوزع" قائلاً: " وماذا سنفعل بسلك غبي يمتد بين المحطة و الأرض؟"

قال "ليربج": " سنفعل الكثير.... سينزلق المبعوثين على السلك، وبهذه الطريقة سنضمن وصولهم إلى كوكب الأرض!."

سكت "لجوزع" وهو يفكر بما قاله "ليربج" لبضع دقائق، ومشى وهو يحمل علبة زجاجية مليئة بالذباب الذي أصطاده حياً ليضعها على أحد الرفوف، ثم قال: " أتعلم يا "ليربج".... قد تنجح فكرتك هذه المرة، ولكن ما هو الشيء الذي ستربط به الحبل في الجانب الأخر... أعني على الأرض؟؟؟؟"

ابتسم "ليربج" بغموض وهو يغمز بإحدى عينيه قائلاً: "برج بابل"*(3).


-6-

في الوادي البعيد، حيث الكهف الكبير ، كان هناك سر أخر يختفي تحت الأرض، في أعماق ذلك الكهف، وتحت إحدى البنايات، كان هناك كهفٌ أخر، كهف صغير، بنيت فوقه مدينة كبيرة.

كان في هذا الكهف الصغير سبعة أسرة، وفي هذه الأسرة ينام سبعة أشخاص ذو لحى طويلة وهم يشخرون ملء أفواههم.

وصل هؤلاء السبعة بعد أيام قليلة من انتصار الخرفان وتسلمهم الحكم في تلك المنطقة ، كانت مهمتهم واضحة ومحددة، فقد أرسلهم "لجوزع" بمهمة خاصة، أعطى لكل منهم برميلاً مغلقاً بإحكام، ومن ثم أطلقهم إلى الأرض، وطلب منهم أن لا يفتحوا هذه البراميل مهما حصل، وان يدفنوها داخل سطح الأرض، وإلا سيعاقبهم ويفصلهم من العمل.

-7-

سقط هؤلاء السبعة من فتحة الكهف الكبير بالصدفة، فتجولوا في داخل ذلك الكهف الكبير وهم يعجبون من أمره، وحين تعبوا دخلوا إلى سرداب إحدى البنايات الكبيرة والذي كان مصمماً كملجأ ضد القنابل النووية، وهناك وجدوا أسرةً وطعاماً محفوظاً، فناموا كلهم إلا واحداً منهم.


كان اسمه "دوبي"*(4)، كان "دوبي" هذا أصغرهم عمراً وأكثرهم فضولاً، وكان ما يزال يفكر بالشيء الذي وضعه "لجوزع" في داخل البراميل، وقرر مع نفسه أن إلقاء نظرة صغيرة في داخل أحدها لن يضر أحداً، فقام من فراشه ومشى على أطراف أصابعه متجهاً إلى احد البراميل...

حين رفع "دوبي" الغطاء، لم يحصل شيء في البداية، فقد كان الظلام دامساً، و فجأة..."زززززززززززززززززززززززززززززززززز".... خرجت ألآلاف من ذبابات التسي تسي، فركض هارباً محاولاً الاختباء تحت الغطاء في فراشه، ولكن لسوء حظه وحظ زملائه في المهمة، فقد لدغتهم ذبابات التسي تسي، وغطوا في نوم عميق*(5).

-8-

بعد ذلك ببضعة أيام، كان "لجوزع" يشعر بالقلق، فلم يتصل به أي من المبعوثين السبعة ليخبره بأن المهمة قد تمت، وان البراميل قد دفنت، فقرر أن يتصل بهم بنفسه، رغم كلفة الاتصال العالية.

كان "ليربج" قد جلب معه من إحدى جولاته التجسسية في المستقبل صندوقاً مليئاً بأجهزة الاتصال المتطورة، وأعطاه إلى "لجوزع". ولأن تلك المهمة كانت بغاية الأهمية، فقد أعطى "لجوزع" كلاً من المبعوثين السبعة إحدى هذه الأجهزة كي يتصلوا به عند الحاجة وليبلغوه بتطورات المهمة.

رنت أجهزة الاتصال المتطورة في داخل الكهف الصغير، أو الملجأ النووي، فاستيقظ الجميع إلا "دوبي"، فقد كان جهاز اتصاله مضبوطاً على خاصية السايلنت. فتركه الآخرون نائماً وخرجوا وهم يحملون البراميل كي يدفنوها خارجاً.

في نفس ذلك اليوم، كانت الصراصير المتطورة قد اختبأت في الملاجئ استعداداً لتجربة إحدى قنابلها النووية، ولسوء حظ المبعوثين الستة، فقد كانوا يحفرون الحفرة التي سيدفنون بها البراميل فوق موقع القنبلة بالضبط، وفجأة ...... "بووووووووووم".... لم يعد لهم من أثر.... إلا "دوبي" فقد كان ما يزال نائماً يشخر.

-9-

طار "ليربج" على ظهر الثور المجنح الميكانيكي وهو يتجه إلى الأرض حاملاً معه بكرة كبيرة من السلك الذي يتوجب ربطه هناك، وحينما كان يدور وخلفه السلك حول قمة برج بابل للمرة الخامسة على التوالي، بدأ الثور الميكانيكي بإصدار أصوات متقطعة غريبة، و فجأة توقف عن العمل، أصاب الرعب "ليربج"، وخاف كثيراً أن يسقط رغم تعوده على السقوط والارتطام بسطح الأرض.

تمسك "ليربج" بالسلك الذي ربطه بالبرج، وترك الثور يسقط قرب قاعدة البرج، وهو ينظر إليه بحزن، فقد كان يخطط لاستخدامه في الكثير من المهمات الأخرى، ولكنه على الأقل قد أنهى مهمته التي جاء من أجلها. وتم ربط الارض بالمحطة الفضائية للشؤون الإدارية أخيراً.

بدأ "ليربج" بتسلق السلك عائداً إلى المحطة الفضائية، وهو يفكر بطلب زيادة في الراتب من "لجوزع" لأن تسلق الأسلاك لم يكن من ضمن المهمات التي نص عليها العقد المبرم بينهما.

-10-

وصل "ليربج" إلى المحطة الفضائية بعد حوالي ألفين أو ثلاثة ألآلاف سنة من التسلق، وهو يشعر بتعب شديد في كتفيه ويديه، كان يلعن اليوم الذي عمل فيه مع "لجوزع".

بعد أن أخذ "ليربج" قسطاً كافياً من النوم، ذهب ليقابل "لجوزع"، ويخبره بأن السلك قد تم ربطه ويمكنه الآن أن يرسل المبعوثين لينزلقوا على ذلك السلك.

دخل "ليربج" على "لجوزع" والذي كان يحصي بسعادة الذبابات الميتة التي قتلها في ذلك اليوم، فقال "لجوزع" وهو يقطع جناحي إحدى الذبابات التي لم تمت بعد: "ها أنت أخيراً، ما هي الإخبار؟"

أجابه "ليربج": "كله تمام يا كابتن... لقد أوصلت السلك بالأرض، وبالإمكان الآن أن نرسل أي عددٍ من المبعوثين من خلاله، وكذلك أن نستعمله للاتصال بدل الأجهزة النقالة التي جلبتها سابقاً فهذا سيوفر الكثير من التكاليف. هل تأمرني بشيء أخر يا سيدي؟"

فكر "لجوزع" لبرهة وقال: "نعم، أريدك أن تعد لي قائمة بالمهام التي يجب أن نتابعها هنا وهناك وخاصة شؤون المبعوثين، فذاكرتي لم تعد كما كانت في السابق..... أه.... عندما تنزل إلى الأرض مرة أخرى..أريدك أن تجلب لي مضرباً بلاستيكياً*(6) جديداً لقتل الذباب، فهذا المضرب الذي جلبته لم يعد صالحاً كما كان قبل خمسة ألآلاف سنة... أو ربما ستة ألآلاف سنة.... لم أعد أذكر بالضبط.... أنظر ..... ذبابة.......". وذهب يركض خلف الذبابة وهو يلوح بمضربه ذات اليمين وذات الشمال....

-11-

في مكان ما من الفضاء الفسيح، كان "سوبر مسلم" يطير عائداً عبر الزمن بعد أن تسبب بالفيضان الكبير الذي عم الأرض، وفيما هو يطير في الفضاء، لمح في البعيد سلكاً غريباً يمتد إلى ما لا نهاية في الفضاء الكبير، فتوقف مستغرباً وجود هذا السلك في هذا المكان. فكر قليلاً بتفسير لوجود هذا السلك في الفضاء... وهداه تفكيره أن هذا السلك هو بدعة من بدع الغرب، والتي يتجسسون بها على أمة الإسلام لسرقة علومهم واختراعاتهم.

فغضب "سوبر مسلم" غضباً شديداً، وصرخ بصوت عالي "الويل للغرب الكافر، الويل للأمريكان... "، ولكن لم يسمعه أحد لأن الفضاء لا ينتقل فيه الصوت. وفي نوبة غضبه تلك، أمسك بالسلك، وسحبه بقوة، فانهار برج بابل متحطماً إلى قطع صغيرة.

-12-

بعد ذلك الحادث ببضعة ألآلاف من السنين، وفي يوم من الأيام كان "لجوزع" نائماً يشخر في القسم الخاص به من المحطة الفضائية، وفجأة دخل عليه "ليربج" وهو يلطم وجهه وينتف شعر رأسه بعصبية وهو يصيح: "ياللمصيبة.... لقد تذكرت، لقد نسينا واحداً.... ياللكارثة.... إنه ما يزال نائماً في ذلك الكهف...."،

استيقظ "لجوزع" فزعاً من صوت صراخ "ليربج"، وهو يتسائل عما حدث، فأستطرد "ليربج" قائلاً بعصبية: " فيما كنت أراجع شؤون المبعوثين، كنت دائماً إحس بأننا نسينا شيئاً مهماً في المكان الذي وجدت فيه الثور الميكانيكي، والآن فقط وجدت ماذا نسينا....."

نهض "لجوزع" من فراشه مرتبكاً وسأل: "ماذا نسينا يا "ليربج"؟؟؟؟؟"

قال "ليربج": " أتذكر تلك المرة التي أرسلت فيها المبعوثين ليتخلصوا من الذباب..."

"لجوزع": "نعم، أتذكر شيئاً من هذا القبيل... ماذا عنهم؟؟"

قال "ليربج": "لقد نسيت أن أخبرك أن ستة منهم قد ماتوا خلال تنفيذ المهمة، أما السابع فلا يزال نائماً حتى هذه الساعة..."

"لجوزع":"وماذا تنتظر أيقظه وحاول إعادته إلى هنا..."

"ليربج" بارتباك: "حاضر سيدي الكابتن..." وخرج من الغرفة يركض.

-13-

في داخل الكهف الصغير، استيقظ "دوبي" من نومه بسبب شيء يهتز في داخل فراشه، لقد كان جهاز الاتصال الذي أعطاه إياه "لجوزع"، فقام من فراشه وهو يشعر بدوار شديد والآلام في كل مفاصل جسمه.

خرج "دوبي" من الكهف إلى ضوء النهار وهو يتساءل إن كان يستطيع إيجاد حكيم كي يعالج صداعه والآلام ظهره.

وفيما هو يسير في الخارج، وجد جريدة*(7) ملقاة على الأرض وفيما هو يقلب أوراقها وجد الحكيم الذي يبحث عنه كي يعالجه، وفيما هو يسير متجهاً إلى عنوان ذلك الحكيم، وجد إعلاناً في وسط الشارع لحكيم أفضل منه*(8).



كان "دوبي" سعيداً لاستيقاظه في هذا الزمان المليء بالحكماء والعلماء، والذين سيعالجون كل ألامه بغمضة عين.

-14-

على بعد ملايين الكيلومترات، وفي المحطة الفضائية للشؤون الإدارية، كان السكون مسيطراً، فقد تسبب السلك الذي سحبه "سوبر مسلم" باهتزاز المحطة مما أدى إلى سقوط العلبة الزجاجية التي يضع "لجوزع" فيها الذباب الحي الذي يصطاده وتحطمها وإنطلاق جميع ذبابات التسي تسي الجائعة في داخل المحطة.

لم يستطع العاملون في المحطة السيطرة على هجوم الذباب الجائع وعمت الفوضى أرجاء المحطة الفضائية للشؤون الإدارية، و أنطلق الذباب يلدغ الجميع ويدخلهم في سبات عميق، إلى أن خلت المحطة من أي أحد صاحي، حتى "لجوزع" و "ليربج" غطوا بنوم عميق لن يوقظهم منه أحد.

مع تحياتي

MHJ



الهوامش:

*(1) الثور المجنح Winged Bull : كان هذا التمثال الضخم الذي يبلغ طوله 4.42 أمتار والذي يزن 30 طنا، فردا من زوج يحرس بابا في دور شروكين التي شيدها الملك الآشوري سرجون الثاني (721-705 قبل الميلاد) ،وهي المدينة التي هجرها سنحاريب إبن سرجون ،ونقل العاصمة إلى منطقة قريبة من نينوى.
وقد إستعملت تماثيل مشابهة ولكنها أصغر في القصور الآشورية لمدة دامت قرنين
.
وتجمع هذه التماثيل ما بين السلطة الإلهية (الخوذة ذات القرون) وبين
الذكاء البشري ،وجناح نسر وقوة إما أسد – كما في الصورة- أو ثور ذي أربعة أفخذة (يظهر منها إثنان إذا شاهدته من الأمام، وأربعة إذا شاهدته من جنب ،مع كتابة مسمارية خطت بينها) ترمز إلى قوة الإمبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على منطقة الشرق الأدنى لمدة ثلاثة قرون.


*(2) ذبابة التسي تسي Tsetse : وهي ذبابة كبيرة الحجم تعيش في أفريقيا وتتغذى على الدماء، تنقل هذه الذبابة أمراضاً مختلفة، من ضمنها مرض النوم للبشر الذين تقوم بلدغهم. أقدم الحفريات التي وجدت حتى الآن لهذه الذبابة تعود إلى حوالي 34 مليون سنة.



*(3) برج بابل Tower of Babel: يذكر في أساطير بلاد ما بين النهرين، أن سبب بناء برج بابل هو للوصول إلى السماء وللاتصال بالإلهة. استغلت أسطورة برج بابل في الإنجيل والأساطير المسيحية لتفسير تعدد الأعراق والأجناس.

أما من الناحية الاكاديمية، فإن برج بابل هو إحدى الزقورات الكبيرة، والتي بنيت لتقديس الإله الذي يمثل كوكب المشتري والذي كان يدعى (بيلوس Belus) وفي الاكدية (بيل Bel ) وهو يقابل الاله (زيوس Zeus) في الميثولجيا اليونانية. يبلغ طول ضلع القاعدة الرئيسية لهذه الزقورة 402 متراً، أما القاعدة التي فوقها فيبلغ طول ضلعها 201 متراً، وتم بناء باقي الزقورة فوق هذه القاعدة الثانية لترتفع إلى ثمان طبقات.


*(4) دوبي Dopey : وهو أصغر الاقزام السبعة الذين ظهروا في فيلم والت ديزني Snow white and the seven dwarfs والذي أنتج في عام 1937 .


*(5) أهل الكهف-أسطورة قرآنية :" سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم و يقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب و يقولون سبعة و ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تماري فيهم إلا مراء ظاهراً و لا تستفتي منهم أحداً"!!!!!.

*(6) مضرب الذباب Fly Swatter : في عام 1905 كان الدكتور صامويل جي. كرومباين Samuel J. Crumbine والذي كان عضواً في المجلس الصحي لولاية كنساس الأميركية في ذلك الحين يحضر لعبة للكرة في أحد الملاعب، وكان الذباب كثيراً جداً، وكان الناس يصيحون مشجعين اللاعبين "إضرب الكرة Swat the ball ". في العدد التالي من المنشور الصحي الذي ينشره د. صامويل، علق على الموضوع بقوله "أضرب الذباب Swat the fly" ، ألهمت هذه الجملة مدرساً يدعى فرانك هـ. روز Frank H. Rose لأن يصنع مضرب للذباب من قطعة خشب وسلك النوافذ، والهدف من وجود سلك النوافذ المثقب، هو لأن الذباب يستطيع تحسس تغيرات ضغط الهواء من حوله، وهذه الثقوب تقلل من هذا الضغط. أسمى فرانك إختراعه هذا بـ “Fly Bat” ولكن د. صامويل عاد وسماه “Fly Swatter” وهو الاسم الذي يعرف به مضرب الذباب في يومنا هذا.



*(7) جريدة الزمان – الطبعة الدولية، العدد 2671 الصادر في 16 نيسان 2007 . (بالإمكان الضغط على الصورة لتكبيرها وقراءة الخبر كما ورد).

*(8) تم التقاط هذه الصورة من قبل الصديق العزيز Falafel Dude والذي قام مشكوراً بإهدائها للموقع.