Apr 13, 2010

كيف أثبت المسلمون نظرية داروين؟


شكراً للمسلمين لمشاركتهم الايجابية في تطور السلالة البشرية !

أو

كيف أثبت المسلمون نظرية داروين؟

-1-

في المملكة المتحدة وفي الفترة التي سبقت الثورة الصناعية كان يوجد لونان من حشرة العث Peppered Moth (Biston betularia)، أبيض وأسود ... قبل الثورة الصناعية كان العث ذو اللون الابيض هو النوع السائد في المملكة المتحدة ... ولكن بعد 200 سنة من الصناعة وإزدياد نسبة الكاربون في الجو أصبح تعداد العث ذو اللون الاسود هو السائد و أصبح من النادر ايجاد عثات بيضاء ..



فما الذي حصل ؟

ما حصل هو إن السخام والكاربون الذي تنتجه مداخن المعامل قد تسببت في جعل جذوع الاشجار أغمق لوناً، وحيث إن العث ينشط في الليل وينام في النهار متخفياً على جذوع هذه الاشجار فقد أصبحت العثات ذات اللون الابيض أكثر عرضة للافتراس من قبل الطيور وباقي المفترسات خلال النهار لإنها أصبحت أكثر عرضة لأن يتم تميبزها وهي تنام على جذوع الاشجار الداكنة اللون بفعل السخام. أما العث الاسود اللون فقد أصبح أكثر قدرة على التخفي على هذه الجذوع مما قلل معدلات افتراسه.


ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن قدرة العثات ذات اللون الاسود على النجاة من الافتراس هي أفضل من قدرة العثات البيضاء وبالتالي فإن أكثرية من العثات السوداء ستستطيع أن تعيش فترة كافية لتنتج جيلاً جديداً من العثات الشبيه بها والتي تمتلك نفس صفاتها (و هذا يحصل مرتين في السنة تقريباً). وهذا يعني إنه بمرور الزمن سيندر وجود عثات بلون أبيض على حساب إزدياد تعداد العثات باللون الاسود لإنها أقدر على البقاء.

لماذا اخبركم بقصة العثات البيضاء والسوداء؟

لإن هذه الحادثة تعتبر مثالاً حياً و حديثاً ومعاصراً للإنتقاء الطبيعي (أو ما يعرف بالبقاء للأصلح) والذي هو ركن أساسي من أركان نظرية التطور. ولآن هذا المثال وغيره من الامثلة التي سأطرحها هنا ستسهل علي الاجابة عن سؤال محوري شغل تفكيري في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية......

رغم إن المؤمنين بصورة عامة والمسلمين بصورة خاصة لا يصدقون بمبدأ التطور و قوانين الانتقاء الطبيعي إلا إنهم – وحالهم في هذا حال باقي الكائنات على هذا الكوكب – جزء من العجلة التطورية سواءاً شاءوا ذلك أم ابوا. وعليه فإنني أتسائل هنا ما هو دور المؤمنين ضمن مسيرة الانتقاء الطبيعي للفصيلة البشرية ؟ وكيف يؤثر ذلك في الحفاظ على نوعهم ضمن الفصيلة البشرية ؟ و ما هو دور المؤمنين في التطور العام و البايولوجي للفصيلة البشرية بكل أنواعها؟ ... أو ببساطة في أي إتجاه تطوري تدور العجلة التطورية للمؤمنين؟

سأبدأ من السؤال ما قبل الاخير... " ما هو دور المؤمنين في التطور العام و البايولوجي للفصيلة البشرية بكل أنواعها؟ " ... من وجهة نظر دينية قد تكون اجابة هذا السؤال بسيطة جداً و يمكن إيجازها بالشكل التالي: المؤمن لا يصدق بالتطور البايولوجي و عليه فإنه يؤمن بإن السلالة البشرية لم ولن تتغير على مر العصور، والمؤمن يصدق كذلك بإنه أذكى ، أجمل وأرقى كائن عاش وسيعيش على وجه البسيطة (لآن ربه أخبره بذلك) ... وعليه فإنه عملياً لا يحتاج الى أي تحسينات قد تتطلبها نجاة فصيلته و تفرضها عليه الطبيعة كجزء من شروط هذه النجاة. على هذا الاساس فالاجابة ستكون: إن الانسان لا يتطور وهو منذ البدء (أي منذ إدعاء نزول مستر أدم الى الارض بواسطة المصعد الالهي) كائن سوبر خارق مناسب لكل عصر و ظرف ومكان ... لا لسبب منطقي ولكن ..... لأن الله صنعه كذلك !



-2-

في سبعينيات من القرن الماضي كان مصطلح "Evolution Theory " في العالم العربي يترجم الى "نظرية التطور والارتقاء" ...

"الارتقاء"... كلمة جميلة إختفت من كتاباتنا و كتبنا بفعل التوسع العفني للتدين الاسلامي وهيمنة المعلومة الدينية الواهية على حساب المعلومة العلمية المثبتة في مجتمعاتنا ورفوف مكتباتنا (حيث إن رقابة الكلمة المنطوقة والمكتوبة لم تكن أسوأ حالاً مما هي عليه الان) والسبب في هذا هو إن هذا التوسع العفني يعمل حرفياً بطريقة تعاكس فكرة "الارتقاء" – ولا أقصد هنا نظرية التطور الداروينية – بل أقصد الارتقاء كفكرة سامية ساهمت في تطور السلالة البشرية الفكري على مدى العصور من خلال الطريقة التي يتعامل بها أفراد مجتمع ما مع التقاليد التي توارثوها من أبائهم وأجدادهم ، أو مع البرمجة الغيبية التي فرضت على أدمغتهم والاهم من كل ذلك مع الاحاسيس الانفرادية البشرية والتي كانت السبب في كل هذه التقاليد والاعراف وبالتالي الاديان والمعتقدات ... وأقصد هنا ما يمكن إختصاره في لغتنا العربية (والتي لم تعد جميلة كما كانت عليه ) بالتالي : (غيرة ، حسد، شرف، نخوة، حرمة ، حريم، سلطة ، ملك ، مملوك ، سيد ، عبد ، إمة ، ما ملكته أيمانكم ، أسود ، أبيض، عين بعين ، قطع يد ! ، قطع رأس ، جلد ، رجم ، زاني ، زانية ، أمهات المسلمين ! ، الكفار ، أعداء الله ، حبيب الله ! ، الرجيم !، الرحمن !!!؟ الرحيم ؟؟؟ !!!..العادل؟؟؟؟؟؟!!!!!! ) – ( إختياري لهذه الكلمات هنا جاء فيما كنت أسترسل مع نفسي في اللعبة السايكولوجية التي تبدأ بإختيار كلمة ومن ثم وضع الكلمة الاولى التي تأتي في بالي بعدها مباشرة..).

أعود ثانية الى ما تعنيه كلمة "الارتقاء" برأيي و دورها في تطور الجنس البشري وعلاقة هذه الكلمة بالدين...

أن ترتقي بنفسك ... ماذا يعني هذا؟؟؟؟ ... يعني أن تعلو بتفكيرك ، حياتك ، إنفعالاتك في الوقت الذي تحاول مشاعرك الانفرادية السلبية أن تسيطر على أحكامك وطريقة تفكيرك.... أي إن الارتقاء للفرد هو وسيلة لمحاربة المشاعر السلبية ... وبالتالي تحسين المجتمع ككل ومحاربة عقد النقص التي تعج بها مجتمعاتنا المتهالكة من جراء نظريات النكاح وانواع التزاوج والغيرة واحادية التفكير وغيرها من تراكمات الازمان الغابرة وإرتجاعات الازمان الحاضرة وبالتحديد الاسهال الفموي السلفي والصحوة الدينية السايكوباثية الغريبة. هذه التراكمات والارتجاعات هي السبب الرئيسي في تخلف أي بقعة على الارض تؤمن بوجود الهة وتنسى أو تتناسى إن اصل كل شيء هو الدماغ البشري وترفض أن تعيش بطريقة ديناميكية تتناسب والعصر الذي تعيش فيه.


-3-

أرض الصومال .. نتاج زواج بين مستعمرتين إحداهما بريطانية والاخرى إيطالية حين إندماجهما عام 1960، ومنذ ذلك الحين كانت هناك سنوات طويلة من المجاعة، الامراض، والحروب الطاحنة التي ساهمت في مليء جيوب تجار الحروب الافارقة وغيرهم بالمال ومقتل الملايين من البشر في أغلبهم من المخدوعين دينياً أو من المحسوبين عليهم .... وبما إن المودة الشائعة à la mode هذه الايام هي الجهاد، جاءت أحدث المودات من تجار الحروب الافارقة وأصحابهم منتجي السلاح وإخوانهم ممولي الجهاد الالهي من أثرياء المسلمين الا وهي ما يعرف بحركة "شباب المجاهدين الاسلامية الصومالية" والتي تسيطر حالياً على وسط وجنوب الصومال.. والذين بالاضافة الى تطبيقهم أحكام الشريعة على الصومالين وغيرهم تسببوا في تجويع الملايين من الصومالين إضافة الى ما هم عليه ومن الذين يعتمدون في غذائهم على مساعدات المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الانسانية الدولية NGOs والتي لم تعد قادرة على الوصول الى المحتاجين بسبب المجاهدين الذين يحرقون كل ما يجري على الارض ويتمنون أن يقابلوهم في الجنة إن لم يكن لهم ذنب!


أحد أخر أخبار الانجازات الجهادية لحركة شباب المجاهدين الصومالية هو إن هذه الحركة والتي يتمنى أفرادها أن يحظوا بالتلة التي تشرف على كراج سيارات الرسول في الجنة المرقمة من 1 الى 15 – الجنة - قريش ! هو إنهم قاموا بمنع تدريس العلوم واللغة الانكليزية في مدارس جنوب الصومال بحجة أن " كل من سيكون جاسوسا للحكومات الغربية يتعلم هذه اللغة" ، وفي خبر للعربية في هذا الخصوص :" أن عدة مدارس أوقفت الدراسة فيها بعدما قبل الشيوخ والمدارس قرار حركة الشباب التي أمرت أيضا بفصل 23 معلما" و جاء كذلك في نفس الخبر :" قال أحد المعلمين الصوماليين إن حركة "شباب المجاهدين" طلبت من المدارس ضم طلاب إلى الميليشيا التابعة لها .. مشيرا إلى أن ثلاث مدارس أعطيت مهلة شهر لتنفيذ أمر أصدره مسلحو الحركة بتغيير المناهج الدراسية, بحيث تتضمن تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية".

شكراً لحركة الشباب الصومالية الاسلامية لمسهماتها الجهادية الفعالة في مسيرة التطور والارتقاء... فهذه الحركة وغيرها من الحركات الشبيهة تساهم مساهمة فعالة في تطور السلالة البشرية... فهم يشجعون افرادها لقتل وتفجير أنفسهم فيمن يخالفونهم الرأي ... الايمان .. المعتقد .. و الاله ... شكراً لهم ..... لمنعهم تدريس العلوم واللغات ونتمنى أن تقتدي بهم باقي الحركات الدينية الفاشية ..... فيكفي المسلمون في أصقاع الارض أن يحفظوا القرآن ،و 3033 حديثاً من التي يقر مسلم في صحيحه بصحتها وتعافيها من الاوبئة والمبيدات الحشرية في كتبه الاربعة والخميسين و 7275 حديثاً والتي جاءت في صحيح البخاري (على سيرة البخاري ... معلومة خارج الموضوع – سؤال علمي لطلاب العلوم في الصومال : في أي قرن ظهر أول محرك "بخاري" في التاريخ ؟؟؟؟ - الجواب: هو في القرن الاول الميلادي "أي قبل صلعم بخمسمائة سنة ونيف" والمخترع الاول هو عالم الرياضيات اليوناني هيرون الاسكندراني Hero of Alexanderia (10 – 70 م والذي عاش في مصر في حينها ... يجوز له الشكر والدعاء أيضاً على محركه الصديق للبيئة ! .. – صدقوني لو كان هناك إنبياء يأتيهم الوحي لكانوا من أمثال هيرون الاسكندراني.... فقد ساهموا فعلياً في تطور البشرية وليس في فنائها).... فشكراً لكل الحركات المبنية على اسس فاشية دينية لتقليلهم عدد المؤمنين الذين يمشون على الارض ليعيثوا فيها قتلاً ودماراً فقط لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا جزءاً فعالاً من عجلة التطور ، أو أن يساهموا مساهمة فعالة في الحفاظ على الجنس البشري وإرتقائه والاضافة الى مسيرته بطرق ايجابية. وهذا بالضبط ما يعنيه البقاء للآصلح مثلهم كمثل العثة البيضاء التي إنقرضت لآنها لم تستطع التوالم مع محيطها.



-4-

خلاصة القول: في بداية المقال كنت قد طرحت بعض التساؤلات والتي يمكن إختصارها بـ : ما هو دور المؤمنين ضمن مسيرة الانتقاء الطبيعي للفصيلة البشرية ؟ وكيف يؤثر ذلك في الحفاظ على نوعهم ؟ والاستنتاج مما سبق هو إن المؤمنين بصورة عامة في وقتنا الحالي ممثلين بالمسلمين كنموذج أيماني مصاب بالاسهال الفموي السلفي يساهمون مساهمة فعالة في إثبات كل ما جاء به ريتشارد داروين في إثبات مبدئ الانتقاء الطبيعي أو "البقاء للأصلح" ... فحيث أن المؤمنين تنحصر خيارتهم بـ:

- أما الموت مجاهداً محارباً متفجراً أخذاً معه ما أستطاع أخذه من أرواح من مسلمين ، مسيحيين ، شيعيين أو سنة من صحوات "مرتدين عراقيين" أو حتى صوماليين أثمين إنتخبوا الرئيس الخطأ.....

- أو مؤمنين متقوقعين ... رافضين لمنطق العلم و دلائله ، يشجعون نبذ العلوم ويناقضونها ويرفضونها رفضاً قاطعاً بحجة تناقضها مع الكتب الصفراء التي تتدعي الالهة نشرها على لسان أنبياء بشريين...

- أو متعلمين يعيشون في حالة تناقضية من "الليمبو Limbo " أو ما يمكن تعريفه بما "بين السماء والارض" أو "حافة الجحيم" أو "حافة الجنة"، فهم يؤمنون بالالهة وصلعم ويؤمنون أيضاً بالعلوم والحداثة وهنا أقول أن هؤلاء هم المشكلة في عالمنا العربي المشرف على الانقراض .... وهم حالة تحتاج الى مواضيع ومقالات من قبل المدونين الاحرار لتحليل حالتهم و أسباب تقبلهم للعيش في حالة الليمبو المتناقضة هذه.

لن أدخل في مواضيع جانبية اخرى .... فأنا شخصياً أود الاجابة عن الاسئلة التي طرحتها مسبقاً حول مساهمة المؤمنين في عملية الانتقاء الطبيعي .... والجواب ببساطة يكمن في أن العالم يتطور بسرعة متناهية في مختلف المجالات سواءاً أكانت في المجالات التكنولوجية من كمبيوتر و إتصالات ، أو الطب ، أو في التغير الشاسع في جميع مفاهيم الفيزياء نتيجة النجاحات المتكررة لـتجارب CERN وخصوصاً أحدثها في محكاة الانفجار الكبير او The Big Bang والذي نتج عنه الكون وما فيه بطريقة عجزت جميع الالهة في وصفها أو اعطاء سقف زمني واقعي بالنسبة لها، وبما إن المسلمين كجزء من الفصيلة البشرية تنحصر خيارتهم في الموت مجاهدين أخذين معهم ما إستطاعوا من الذين يخالفونهم الرأي أو يوافقونهم عليه ، أو متقوقعين رافضين لمسيرة التطور ومنطق العلوم الحديثة ، أو في حالة من الليمبو ، فإنهم بذلك قد حكموا على أنفسهم بالانقراض وإختاروا مصير العثة البيضاء، فشكراً لأثباتهم بأن التطور الدارويني موجود ويحصل في كل يوم وفي كل مرة يقتل بها مؤمناً مؤمناً أخر، فشكراً لهم لمساهمتهم الايجابية في مسيرة التطور البشري من خلال إختيارهم للانقراض، شكراً لهم لإنهم بذلك يجعلون الارض مكاناً افضل للعيش ولو بعد حين.


تحياتي للجميع

MHJ