Jan 27, 2007

العرب المؤتمرون والمستقبل المشئوم

في العام 2360 لم يتطور العالم كثيراً عما هو عليه الآن، ولكن المفاهيم و الأهداف اختلفت، فقد نفذ النفط في معظم دول العالم ولم يعد الذهب الأسود المحرك الأساسي الذي يحدد سياسات الدول العظمى، فقد ضمنت هذه الدول حصصها في أخر قطرة من النفط المخزون على هذا الكوكب البائس، وفي نفس الوقت حشدت علمائها و مواردها لإيجاد البدائل، فانتشرت المركبات التي تعمل بوقود الهيدروجين* بحلول سنة 2050 وأصبح توليد الطاقة الكهربائية معتمداً بالأساس على المفاعلات النووية النظيفة و الطاقة الشمسية والرياح.



بينما في الجانب الأخر من العالم، أزداد العرب تخلفاً و انطواءً على أنفسهم، وأصبح ما كان يعرف بالوطن العربي عبارة عن أرض خلاء مليئة بالمختلين نفسياً (السايكوبات)، والذين طالت لحاهم و قصرت ثيابهم وسجنوا نسائهم. أما العلماء والمثقفين العرب (ولا نقصد هنا علماء الدين أو دواهي الدين من مدعي العلم) فمنهم من تبع التيار الغالب فأمن على نفسه وانتفت عنه صفة العالم . ومنهم من اتهم بالهرطقة والعلمانية فقتل أو اضطهد أو رشق بالحجارة.



فيما عدا كون العرب أصبحوا أفقر الأمم على وجه الخليقة بسبب إسرافهم وعدم اهتمامهم بالمستقبل أو التخطيط له ونفاذ النفط لديهم فلم تتغير اهتمامات عرب القرن الثالث والعشرين عن اهتماماتهم فيما مضى، ولتوضيح ذلك إليكم بعض ما دار في المؤتمر الذي عقدته الأمة العربية لمناقشة أمورها العامة في شهر آذار من سنة 2359، والذي يعد من أنجح المؤتمرات التي أقيمت خلال الخمسة عقود المنصرمة بسبب القرارات المصيرية التي تمخض عنها.

بدأ المؤتمر بتأخر تسعة من المؤتمرين الأساسيين وذلك لتعرض قافلة جمالهم إلى هجوم من قبل بعض التكفيريين في الطريق إلى خيمة المؤتمرات. وقد نجوا منهم بفضل التسليح الجيد الذي تمتلكه الشركة الأمنية السنغالية التي تعاقدوا معها لحمايتهم خلال الطريق**. فقام المؤتمرون بإقامة صلاة النجاة لمدة ساعتين وربع فرحاً بنجاة أصحابهم التسعة.

أما في خارج خيمة المؤتمرات فقد كان بعض المشرفين على المؤتمر يحاولون الحصول على بعض الوقود من السوق السوداء لتشغيل المولد الكهربائي الذي يزود الخيمة بالكهرباء حيث أنهم كانوا قد تراهنوا فيما بينهم أن المؤتمر سينتهي خلال نصف ساعة فقط نتيجة خلاف المؤتمرين حول أجندة المؤتمر.

وبعد أن صلى المؤتمرين على النبي و الأئمة الأربعة عشر وبعدها على الأحد عشر المبشرين بالجنة***، أفتتح المؤتمر أخيراً.

ابتدأ النقاش بين العرب المؤتمرين (أو المتآمرين ، لا فرق بالمعنى أو المضمون) حول موضوع "المياه المكروهة في الطهارة الكبرى والصغرى" وذلك لمعالجة شحة المياه في عموم أمة العرب والمشاكل الناجمة عن ذلك.

بعد ذلك انتقل المجتمعون إلى أحد المواضيع الأساسية والتي شغلت الشارع العربي في القرون الأربعة الماضية وهو جواز أو تحريم رياضة كرة القدم،و استمر النقاش حول هذا الموضوع المهم جداً لعدة ساعات وبعد ذلك قام المؤتمرون بصلاة الاستخارة على أمل أن يصلوا إلى الحل.

ثم انتقل المجتمعون إلى مناقشة الموضوع الرئيس للمؤتمر والذي هو مشكلة المرأة المسلمة التي قالت إنها أصابها الحيض في شهر رمضان الماضي ، فأمسكت عن الصيام حتى تطهرت، ثم أتمت صيام ما بقي من أيام الشهر ، والآن تتنازعها رغبتان الأولى : أن تقضي ما عليها إبراء للذمة والثانية : أن تبادر فتصوم ستة أيام من شهر شوال لتحظى بأجر من صام الدهر.

بعد انتهاء المؤتمر قام رئيس المؤتمر (أدام الله ظلله وحفظه من شر الصهاينة و العلمانيين و التكفيريين و الامبرياليين والمستعمرين و المعارضين الكفرة و الشاذين جنسياً .... الخ ، الخ ، الخ) بإلقاء الخطاب النهائي للمؤتمر والذي تلخص بثلاث نقاط رئيسية يمكن تلخيصها بالشكل التالي:

- تم تحديد المياه المكروهة بنوعين فقط من أصل خمسة أنوع وهي :

أولاً: المياه التي تكون بالأقطار الحارة كالحجاز، و أن يكون في أواني النحاس و الرصاص و القصدير، دون أواني الفخار، و في المذهب قول بعدم كراهة الماء المشمس مطلقا. و قال ابن فرحون : إن الكراهة في ذلك طبية لا شرعية.

ثانياً: الماء المشمس أي المسخن بالشمس، لحديث عائشة قالت : أسخنت ماء في الشمس، فقال صلعم : "لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص".

- أما بخصوص موضوع كرة القدم فقد تم تحريمها ، حيث أن السلف الصالح لم يعرف هذه الرياضة بتاتاً.

- وبخصوص موضوع المرأة المسلمة فقد اختلف العلماء حول جواز التطوع بالصيام قبل أن يقضي ما عليه من رمضان، فذهب بعض العلماء إلى أن ذلك لا يجوز، وأن على الإنسان أن يبدأ بقضاء ما عليه أولا. ثم عليه أن يتنفل بعد ذلك، وذهب بعضهم إلى جواز التنفل قبل القضاء.

ثم صفق المؤتمرون ملئ أيديهم احتفالاً بنجاح المؤتمر، ثم تبادلوا الجواري والغلمان فيما بينهم كما يفعلون كل سنة وركب كل منهم جمله أو بغلته وشدوا الرحال كلٌ إلى خربته العامرة.









الهوامش:

* قامت شركة BMW بإجراء الاختبارات على نسخة تجريبية من السيارات التي تعمل بالهيدروجين في عامي 2004 و 2005. من المتوقع أن تطرح أول النسخ التجارية لسيارات الهيدروجين خلال نهاية هذا العام.



** بحلول سنة 2100 لم يعد أي من العرب يثق بأخيه، فأصبحت مسائل الأمن الخاص والعام والأمن القومي والاستخبارات العسكرية عبارة عن مناقصات حصرية بالشركات الأمنية الأجنبية.



*** قام المسلمون الشيعة بإضافة "مقتدى الصدر" و الشيخ "نصر الله اللبناني" إلى الأئمة ألاثني عشر فأصبحوا أربعة عشر، بينما قام المسلمون العراقيون السنة بإضافة "صدام حسين المجيد" إلى العشرة المبشرين بالجنة فأصبحوا أحد عشر.





مع تحياتي

MHJ


8 comments:

  1. Anonymous2:40 PM

    very nice man . You are genius

    ReplyDelete
  2. Anonymous6:21 AM

    LMFAO, this is one of the best articles here, genuine and quite funny, Keep it up bro! , BTW Falafil and Beer were going along good for me, Thanks !



    Falafil Dude.

    ReplyDelete
  3. عزيزي MHJ

    تحية على هذه المدونة الجميلة
    مع أني أوافقك بالإتجاه العام لهذه المقالة إلا أن هناك خطأ كبير في التصور. السيناريو الذي تعرضه سيحدث على الأغلب في عام 2060
    وليس في 2360.
    وأعتقد أن الخطأ يكمن في فرضية أن هذا السيناريو سيحدث بعد أن ينضب بترول الخليج ، والصحيح أن عملية ارتفاع حرارة الأرض نتيجة لأستخدام البترول ستجبرنا على استخدام الأنواع الجديدة من الطاقة . والأغلب أن الدول العظمى ستجبر العالم بعد عشرين إلى ثلاثين سنة على التحول عن البترول إلى استخدام تقنيات طاقة جديدة تسيطر عليها بالكامل مما سيؤدي بنا إلى السيناريو الذي تذكر.

    أرجو أن تراسلني بالبريد الإلكتروني على:
    abulahab@gmail.com

    تحياتي ومحبتي.

    ReplyDelete
  4. Man you are awesome,where do you get such brilliant ideas? :)

    ReplyDelete
  5. عزيزي أبو لهب،

    انا اوافقك الرأي تماماً بخصوص الفترة الزمنية التي يتوقع فيها حصول هذا السيناريو، ولكني كنت أضع في حساباتي الزمنية موضوع افلاس العرب الشامل وما بعده.

    إشكرك جداً على تعليقك، وأنا متابع لمقالتك الموضوعية حول الدين والعلم وما بينهما.

    مع حبي وتقديري،

    MHJ

    ReplyDelete
  6. Dear Pharaoh,
    Thanks a lot for your continuous visiting for the blog, and thanks for the nice complimenting comments.

    And to answer your question; if you visit any Islamic website, you will find amazing funny issues and conversations, which proves my point of view about how shallow the Arab world is, and the amount of stupidity available in the Arab world.

    Thanks for stopping by,

    MHJ

    ReplyDelete
  7. Anonymous1:03 PM

    The real revolution that arabs need is not political, but rather CULTURAL in the first hand. And all what participate in accelerating this occurence is the wellcome, even if darkness seems the most powerful. Begining by treating all the stupidities and insanities that we receive from our social and educational structures in the arabic and islamic countries is the first step. So I hope you full sucess in your good job and I must tell you that you have not to take care of anyone who tries to bother you. Dogs can cry for a day but the caravane goes on in its path.
    Yours cleaverly.

    ReplyDelete
  8. Dear previous Anonymous,

    You are absolutely right, The miserable part of the planet need a cultural revolution…but as long as the Arabs acting like sheep following a bunch of religious control freaks, this will be hard and difficult.

    I do thank you for stopping by, and reading between the lines, coz it is not only about sarcasm or irony.

    Take care, and have a good day.

    MHJ

    ReplyDelete